dimanche 21 juin 2020

خلق الحياء

مادة الأخلاق : 

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى  الله وسلم على سيدنا محمد سيد الأولين و الآخرين و على آله و صحابته أجمعين . السلام عليكم ورحمة  الله تعالى و بركاته درسنا اليوم عن خلق رفيع ألا و هو خلق الحياء.

حقيقة الحياء:

إن الحياء خلق يبعث على فعل كل مليح وترك كل قبيح، فهو من صفات النفس المحمودة. وهو رأس مكارم الأخلاق، وزينة الإيمان، وشعار الإسلام؛ كما في الحديث: "إن لكل دين خُلقًا، وخُلُقُ الإسلام الحياء".
، ففي الصحيحين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الإيمان بضعٌ وسبعون شعبة، فأفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان".
والسر في كون الحياء من الإيمان: أن كلاًّ منهما داعٍ إلى الخير مقرب منه، صارف عن الشر مبعدٌ عنه لذلك قال النَّبيُّ : الحياء لا يأتي إلَّا بخير.
وَ رَوَى أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ  أَنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهُ وَ سَلَّمَ قَالَ : "مَا كَانَ اَلْفُحْشُ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا شانَهُ ، وَ مَا كَانَ الحَياءُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ" . وَ كَمَا قَالَ عَليُّ بْنُ أَبِي طالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : مِنْ كَسَاه الحَياءُ ثَوْبَهُ ، لَمْ يَرَ النّاسُ عَيْبَهُ

ليس من الحياء:

إن بعض الناس يمتنع عن بعض الخير، وعن قول الحق وعن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بزعم الحياء، وهذا ولا شك فهمٌ مغلوط لمعنى الحياء؛ فخير البشر محمد صلى الله عليه وسلم كان أشد الناس حياءً، بل أشد حياءً من العذراء في خِدرها، ولم يمنعه حياؤه عن قول الحق، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل والغضب لله إذا انتهكت محارمه.
كما لم يمنع الحياء من طلب العلم والسؤال عن مسائل الدين، كما رأينا أم سليم الأنصارية رضي الله عنها تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله! إن الله لا يستحيي من الحق، فهل على المرأة غسلٌ إذا احتلمت؟
لم يمنعها الحياء من السؤال، ولم يمنع الحياءُ الرسول صلى الله عليه وسلم من البيان؛ فقال: "نعم، إذا رأت الماء".

الفرق بين الحياء والخجل:

الحياء ولا شك ليس هو الخجل، فإنَّ بعض النَّاس يخلطون بين الحياء وبين الخجل، فالخجل: حيرة النَّفس من فرط الحياء، وهو استكانةٌ وضعفٌ في أوقات ينبغي على الإنسان أن يكون فيها قويَّاً، نقيض الحياء: البذاء، الوقاحة والجفاء.
والبذاء في اللغة هو فحش القول والفعل، والمسلم يجب ألا يكون فاحشًا ولا متفحشًا ولا غليظًا.
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء))

أنواع الحياء:

والحياء من صفات الله تعالى جاء في الحديث. عن سلمان رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله على وسلم: «إن الله يستحي أن يبسط العبد إليه يديه فيهما خيراً فيردهما خائبتين» والأولى بنا أن نستحيي من الله حق الحياء، حيث أسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة فحين يستقر في نفس العبد أن الله يراه ويستشعر برقابة الله عليه، وأنه سبحانه معه في كل حين، فإنه يستحي من الله أن يراه مقصرًا في فريضة، أو مرتكبًا لمعصية. قال الله عز وجل: (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى) [العلق:14].
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "استحيوا من الله حق الحياء. فقالوا: يا رسول الله! إنا نستحي. قال: ليس ذاكم، ولكن من استحيا من الله حق الحياء فليحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، وليذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء".
كما ينبغي علينا الاستحياء من الملائكة التي لا تفارقنا.
وقد نبه سبحانه على هذا المعنى بقوله: (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ) [الانفطار:10-12].
قال ابن القيم رحمه الله: [أي استحيوا من هؤلاء الحافظين الكرام، وأكرموهم، وأجلُّوهم أن يروا منكم ما تستحيون أن يراكم عليه مَنْ هو مثلكم، والملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم، فإذا كان ابن آدم يتأذى ممن يفجر ويعصي بين يديه، وإن كان قد يعمل مثل عمله، فما الظن بإيذاء الملائكة الكرام الكاتبين؟! ]
وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: لا خير فيمن لا يستحي من الناس.
وقال مجاهد: لو أن المسلم لم يصب من أخيه إلا أن حياءه منه يمنعه من المعاصي لكفاه.
الإنسان إذا ابتلي بمعصية وزلت به القدم يجب عليه أن يستتر بستر الله له ولا يفضح نفسه أمام الملأ، ولا يجاهر بتلك المعصية ولا ينشرها بين الناس لأن المجاهرة بها فساد عظيم. ففي الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه  قال: سمعت رسول الله يقول: كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا، ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول: يا فلان، عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه[1]، متفق عليه.
ومن مظاهر المهاجرة بالمعصية وقلة الحياء نشر بعض المقاطع الفاضحة والصور الخليعة في مواقع التواصل الاجتماعي.
من استحيا من الناس ولم يستحِ من نفسه، فنفسه أخس عنده من غيره، ويكون هذا الحياء بالعفة وصيانة الخلوات وحُسن السريرة. فإذا كبرت عند العبد نفسه فسيكون استحياؤه منها أعظم من استحيائه من غيره.
حياء الأنبياء
حياء الرسول صلى الله عليه وسلم: ومِن مظاهر حيائه صلى الله عليه وسلم حياؤه مِن خالقه سبحانه وتعالى؛ وذلك لما طلب موسى عليه السَّلام مِن نبيِّنا صلى الله عليه وسلم في ليلة الإسراء أن يراجع ربَّه في تخفيف فرض الصَّلاة، قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لموسى عليه السَّلام: استحييت مِن ربِّ.  
(3
نماذج من حياء الصَّحابة والصحابيات.

حياء عائشة رضي الله عنها:
وعائشة رضي الله عنها استحيت من عمر بعد وفاته، وهذا حياءٌ عظيمٌ فقالت: "كنت أدخل البيت الذي دُفن فيه رسول الله وأبي رضي الله عنه واضعةٌ ثوبي يعني بدون حجاب، وأقول إنَّما هو زوجي وأبي" فليس هناك من أحدٍ غريبٌ مع أنَّهم موتى، فلمَّا دُفن عمررضي الله عنه والله ما دخلت إلَّا مشدودةٌ عليَّ ثيابي حياءً من عمر بن الخطاب، مع أنَّ المكان الذي كان فيه مفصولٌ، فهي كانت في مكان غير المكان الذي فيه القبور هي لا تنام بين القبور، ولكن مع ذلك هو كان في هذا حجرتها والمكان الذي تدخل فيه مجاورٌ لهذا مع ذلك كانت تستحي لوجود عمر، فلا تدخل إلَّا وعليها ثيابها، وأمَّا مكان سكنها ليس بين القبور.  

حياء عثمان بن عفان رضي الله عنه
عن عائشة -رضي الله عنها -قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم -مضطجعا في بيته، كاشفا عن فخذيه -أو ساقيه -فاستأذن أبو بكر، فأذن له وهو على تلك الحال، فتحدث، ثم استأذن عمر، فأذن له وهو كذلك، فتحدث، ثم استأذن عثمان فجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم -وسوى ثيابه، فلما خرج قالت عائشة: دخل أبو بكر فلم تهتش له ولم تباله، ثم دخل عمر فلم تهتش له ولم تباله، ثم دخل عثمان فجلست وسويت ثيابك فقال": ألا أستحيي من رجل تستحيي منه الملائكة؟". وفي رواية قال: "إن عثمان رجل حيي، وإني خشيت إن أذنت له على تلك الحالة ألا يبلغ إلي في حاجته". رواه مسلم.
وقد حض المولى عز وجل في قرآنه الكريم، على التحلي بخلق الحياء، ثم خص بالذكر النساء بذلك الخلق في قصة البنين مع نبي الله موسى عليه السلام. فورد القرآن الكريم كيف منعهما الحياء من مزاحمة الرجال لسقي أغنامهما و كيف جاءت إحداهما لتبلغ رسالة أبيها لسيدنا موسى عليه السلام و هي تمشي على استحياء فقال الله تعالى: "وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ ۖ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا ۖ قَالَتَا لَا نَسْقِي حتى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ ۖ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ فسقى لَهُمَا ثُمَّ تولى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ". سورة القصص 23-24 .
  هذه دعوة لكل فتاة أن تتخذ هذا النموذج في كل تصرفاتها.
وخلاصة و خلاصة القول أن الحياء حياة للقلب، وحياة للمجتمعات ويبعث على الاحترام المتبادل ويساعد في تهذيب سلوك المسلم و يحد من تفشي الرذيلة والفحشاء في المجتمع.  
إِنَّ الِاتِّصَافَ بِالحَيَاءِ مِنَ المَطَالِبِ العَالِيَةِ، وَالمَقَاصِدِ السَّامِيَةِ، وَأُمنِيَةٌ عَظِيمَةٌ، وَغَايَةٌ كَرِيمَةٌ، لَا تصلح الأَحْوَالُ إِلَّا بِـهَا.  يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الثَّنَاءُ الْحَسَنُ، وَالتَّوْفِيْقُ فِيْ الأَعْمَالِ، وَصَلَاحُ الْبَالِ، وَنَيْلُ الْمَطَالِبِ، وَتَحْقِيْقُ الْمَآرِبِ؛ وَفِي الآخِرَةِ أَجْرٌ عَظِيْمٌ، وَثَوَابٌ جَزِيْلٌ.

اللهم ارزقنا الحياء منك في كل قول وعمل واعتقاد اللهم ارزقنا العفة والحياء والستر وزينا بلباس التقوى والصلاح وابعدنا عن الفحشاء والمنكر والبغي وانفع بنا يا رب العالمين. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.



 .

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire